في حدث أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، قُتل الأرشيدوق فرانز فرديناند ( ابن شقيق الإمبراطور فرانز جوزيف ووريث الإمبراطورية النمساوية المجرية ) بالرصاص مع زوجته على يد قومي صربي في سراييفو / البوسنة، في 28 يونيو 1914.
كان هذا الاغتيال بمثابة شرارة لاندلاع الحرب العالمية الأولى، حيث كانت أوروبا في حالة غليان منذ بضع سنوات وكانت في انتظار سبب لبدء الحرب.
كانت كلماته الأخيرة – بعد إصابته برصاصة في رقبته – لزوجته والتي أصيبت هي أيضا برصاصة ثانية طائشة في بطنها.
“صوفي! صوفي! لا تموتي! سنعيش من أجل أطفالنا!”.
سُئل عن حالته وهو في طريقه إلى المستشفى وظل يقول “لا شيء. إنه لا شيء“، مرارًا وتكرارًا. أخيرا توفيت صوفي في السيارة وتبعها الأرشيدوق بعد 10 دقائق من لحظة وصوله إلى المستشفى.
نُقل عن رجل الدولة البروسي العظيم أوتو فون بسمارك، الرجل المسؤول عن توحيد ألمانيا عام 1871، قوله في نهاية حياته: “في يوم من الأيام، ستخرج الحرب الأوروبية الكبرى من شيء أحمق لعين في البلقان“. لقد سار الأمر كما تنبأ تماما.
سافر الأرشيدوق إلى سراييفو في يونيو 1914 لتفقد القوات المسلحة الإمبراطورية في “البوسنة والهرسك”، وهي الأراضي العثمانية السابقة في منطقة البلقان المضطربة والتي ضمتها النمسا والمجر في عام 1908 مما أثار سخط القوميين الصرب، اعتقد الصرب آنذاك أنه لا بد لهم أن يصبحوا جزءًا من الأمة الصربية المستقلة والطموحة.
ويتزامن الموعد المقرر لزيارته، 28 يونيو/حزيران، مع ذكرى معركة كوسوفو الأولى عام 1389م، والتي هُزمت فيها صربيا في العصور الوسطى على يد الأتراك.
على الرغم من حقيقة أن صربيا لم تفقد استقلالها حقًا حتى معركة كوسوفو الثانية عام 1448م، إلا أن يوم (28 يونيو) كان يومًا ذا أهمية كبيرة للقوميين الصرب، وكان من المتوقع أن يكون يوما استثنائيا للاعتراض على “القوة الإمبراطورية النمساوية” في البوسنة.
كان يوم 28 يونيو أيضًا ذكرى زواج فرانز فرديناند. (زوجته الحبيبة صوفي) وهي وصيفة سابقة، حُرمت وأطفالها من المكانة الملكية في النمسا بسبب ولادتها كأرستقراطية تشيكية فقيرة.
ولكن في البوسنة التي ضمت الى الامبراطورية، ونظرًا لوضعها المضطرب، كان من الممكن لها (صوفي) الظهور بجانبه في الإجراءات الرسمية.
في 28 يونيو 1914، كان فرانز فرديناند وصوفي يقومان بجولة في سراييفو في سيارة مكشوفة، مع القليل من الأمن بشكل غريب، عندما ألقى القومي الصربي نيدجيلكو كابرينوفيتش قنبلة على سيارتهما؛ حيث انزلقت الى الجزء الخلفي من السيارة وأصابت ضابطا وبعض المارة.
في وقت لاحق من ذلك اليوم، في الطريق لزيارة الضابط المصاب، اتخذ موكب الأرشيدوق منعطفًا خاطئًا عند تقاطع شارعي Appel Quay وFranzjosefstrasse، حيث تصادف أن أحد جماعة كابرينوفيتش ويدعى “جافريلو برينسيب” – يبلغ من العمر 19 عامًا – كان يتسكع.
عندما رأى برينسيب الفرصة متاخة له، أطلق النار على السيارة وعلى فرانز فرديناند وصوفي من مسافة قريبة. ثم حاول أطلاق النار على نفسه لكن أحد المارة منعه من من ذلك ورمى بنفسه عليه.
هاجم حشد من المتفرجين الغاضبين برينسيب، الذي قاوم وطاردته الشرطة بعد ذلك. في هذه الأثناء، كان فرانز فرديناند وصوفي يرقدان مصابين بجروح قاتلة في سيارة الليموزين الخاصة بهما. كلاهما ماتا في غضون ساعة.
أدى اغتيال فرانز فرديناند وصوفي إلى إطلاق سلسلة سريعة من الأحداث: فقد ألقت النمسا والمجر (مثل العديد من البلدان حول العالم) اللوم على الحكومة الصربية في الهجوم، وعملت على استغلال الحادث كمبرر لتسوية مسألة القومية السلافية. مرة واحدة وإلى الأبد.
ومع دعم روسيا لصربيا، تأخر إعلان الحرب النمساوية المجرية حتى تلقى قادتها تأكيدات من الزعيم الألماني “القيصر فيلهلم” أن ألمانيا ستدعم قضيتهم في حالة التدخل الروسي – والذي من المرجح أن يشمل حلفاء روسيا (فرنسا، وربما بريطانيا. أيضًا).
وفي الثامن والعشرين من يوليو/تموز، أعلنت النمسا والمجر الحرب على صربيا، فانهار السلام الهش بين القوى العظمى في أوروبا.
في غضون أسبوع، اصطفت روسيا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا العظمى وصربيا ضد النمسا والمجر وألمانيا، واندلعت الحرب العالمية الأولى.